قصة حقيقية: “الغرفة رقم 9” – سرٌ غيّر حياة ممرضة إلى الأبد

قصة حقيقية: “الغرفة رقم 9” – سرٌ غيّر حياة ممرضة إلى الأبد
الغرفة رقم 9

في قلب كل مستشفى، توجد غرف تحمل أسرارًا لا تُروى، وذكريات لا تُنسى. البعض منها ينسى مع مرور الزمن، والبعض يظل محفورًا في القلوب. هذه قصة الممرضة “هدى”، التي غيّرت الغرفة رقم 9 كل ما كانت تؤمن به عن الحياة والموت، الأمل واليأس.

بداية القصة: وردية ليلية مختلفة

كانت “هدى” ممرضة شابة، تعمل في قسم الحالات المزمنة بمستشفى قديم في وسط المدينة. تعوّدت على الهدوء النسبي في ورديات الليل، إلا أن تلك الليلة كانت مختلفة. عند دخولها القسم، لاحظت أن الغرفة رقم 9 مضاءة رغم أن المريض الذي كان فيها نُقل قبل أيام.

استفسرت من الزملاء، فقالوا لها إن الغرفة لا تزال قيد التنظيف ولم يُخصص لها أحد بعد. لكن الفضول دفعها للدخول لاحقًا لتتفقدها.

داخل الغرفة: وجود غامض

عندما دخلت الغرفة لاحقًا، وجدت مسنًا جالسًا على السرير يبتسم بهدوء. اعتقدت أن هناك خطأ إداري، فسألته عن اسمه. أجابها بهدوء: “اسمي إبراهيم. هل يمكنك البقاء قليلًا؟”.

أخبرته بأنها ستتحقق من ملفه، لكنه قال: “الملف لن يقول لك شيئًا عنّي، لكن ربما قلبي سيفعل.”

وبينما كانت تنوي مغادرة الغرفة، طلب منها أن تستمع لقصة قصيرة، فقط خمس دقائق.

قصة إبراهيم: انتظار بلا نهاية

قال إنه كان ينتظر زوجته، التي توفيت في المستشفى قبل سنوات. كانوا يتقابلون في هذه الغرفة أسبوعيًا حين كانت مريضة، وكانا يتشاركان الشعر والذكريات. بعد وفاتها، بدأ يزور الغرفة كل عام في نفس التاريخ، يجلس فيها لساعات، يتحدث معها كأنها لا تزال هناك.

هدى شعرت بخليط من الحزن والدهشة، فسألته: “وهل هذا يُشفيك؟”

فأجاب بابتسامة: “ليس تمامًا، لكنه يربطني بما بقي لي من إنسانية.”

الرحيل الساكن

في اليوم التالي، قررت هدى زيارة الغرفة مرة أخرى لتُطمئن عليه، لكنها لم تجده. بعد سؤال موظف الاستقبال، تبين أن لا أحد سجّل دخولًا بهذا الاسم في الليلة السابقة. بحثت في السجلات، ولم تجد شيئًا.

سألت إحدى الممرضات القدامى، فأجابتها بصوت منخفض: “إبراهيم؟… هذا الرجل كان يأتي كل عام، لكنه توفي منذ 3 سنوات. ومع ذلك، كثيرون قالوا إنهم رأوه بعدها، يجلس في الغرفة رقم 9.”

ارتعشت هدى، ولكنها لم تشعر بالخوف، بل بحزن عميق وهدوء غريب.

تأثير دائم

منذ تلك الليلة، أصبحت هدى تنظر للمرضى بنظرة مختلفة. لم تعد ترى مجرد حالات أو تقارير، بل أرواحًا تحمل قصصًا تنتظر من يستمع لها. خصصت وقتًا أسبوعيًا للاستماع للمرضى الذين لا يزروهم أحد، وساعدت في تأسيس برنامج نفسي داخل المستشفى لدعم المرضى المعزولين.

قالت لاحقًا في مقابلة صحفية: “الغرفة رقم 9 لم تكن غرفة عادية. كانت درسًا عن الحب، الفقد، والوفاء. كانت مرآة لرؤية ما ننساه أحيانًا: إننا بشر أولًا.”

الخاتمة:

قصة “هدى” والغرفة رقم 9 تذكرنا أن المستشفيات ليست فقط أماكن للشفاء الجسدي، بل أيضًا لمحطات إنسانية عميقة. وأن من بين الجدران الباردة قد يولد دفء يجعلنا نعيد النظر في مفهوم الحياة والرحمة.